بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهَذَا الْبَلَدِ
الْأَمِينِ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ
رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ
بِالدِّينِ (٧) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ
(٨)
من إعجاز الخلق في ثمرة
التين:
ثمرة التين هي ثمرة غير حقيقية
مركبة, تتكون نتيجة لنمو نورة مخروطية
الشكل تحوي بداخلها
الأزهار المؤنثة التي تبطن جدار النورة من الداخل,
والأزهار المذكرة التي
تنتشر حول الفتحة الخارجية للنورة, وهي فتحة ضيقة
في أعلي النورة,
وتنضج الأزهار المؤنثة عادة قبل نضج الأزهار
المذكرة,
ولذلك يسخر الخالق( سبحانه
وتعالي) حشرة خاصة تعرف باسم ذات البلعوم
المتفجر(Blastophaga)
تقوم بتلقيح نورات التين من خلال منفعة متبادلة
بينهما, تقوم فيها
نورات شجرة التين بتهيئة المكان الدافيء الأمين
للحشرة تضع فيه بيضها
حتي يفقس, ثم تغذي صغارها حتي يكتمل نموها, وعند
خروجها من النورة يحتك
جسمها بالأزهار المذكرة فيتعفر بحبوب اللقاح التي
تحملها إلي الأزهار
المؤنثة, فتتم بذلك عملية الإخصاب اللازمة لإثمار
شجرة التين.
ويتكون علي شجرة التين سنويا ثلاثة أجيال من النورات, الجيل الأول
منها
يحمل أزهارا مذكرة وأخري حاضنة للحشرات, وتحمل نورات الجيل
الثاني
أزهارا مؤنثة فقط تلقحها الحشرات
الخارجة من نورات الجيل الأول فتخصبها
وبذلك تمثل المحصول الرئيسي لشجرة
التين, أما نورات الجيل الثالث فتحوي
أزهارا حاضنة للحشرة المتعايشة معها
فقط, وفيها تقضي الحشرة فصل
الشتاء.
من منافع ثمرة التين:
تحتوي ثمرة التين علي نسبة عالية من
الكربوهيدرات تصل الي53% من
وزنها, أغلبها من السكريات
الأحادية والمركبات النشوية, بالإضافة إلي
نسبة صغيرة من
البروتينات في حدود3.6%, ونسب أقل من أملاح كل من
البوتاسيوم,
الكالسيوم, المغنيسيوم, الفوسفور, الحديد,
النحاس, الزنك,
الكبريت, الصوديوم والكلور, كما تحتوي ثمرة
التين
علي العديد من الفيتامينات, والإنزيمات, والأحماض,
والمواد
المطهرة, بالإضافة إلي نسبة كبيرة
من الألياف( تصل إلي18.5%) ونسبة
أكبر من الماء. وعلي ذلك فهي ثمرة
غنية بمواد عديدة وبنسب منضبطة
يحتاجها الإنسان في غذائه.
وقد تمكن اليابانيون من إثبات وجود مركب كيميائي من نوع
الألدهيدات
الأروماتية في ثمرة التين يعرف باسم
البنزالدهايد(Benzaldehyde) وتركيبه
الكيميائي(C6H5CHO), وقد تم عزله
من ثمار التين, وثبت أن له قدرة علي
مقاومة مسببات الأمراض السرطانية.
كذلك اكتشفت في ثمرة التين مجموعة من المركبات النشوية التي تعرف
باسم
مجموعة السورالينز ثبت أنها تلعب دورا فعالا في حماية الدم من أعداد
من
الفيروسات والبكتيريا, والطفيليات التي تتسبب في كثير من الأمراض من
مثل
فيروس الالتهاب الكبدي.
وتوجد هذه المجموعة
بوفرة في ثمار التين, وفي الدبس الناتج عنه, وفي كل من عصائره, وأنواع
المربات المصنوعة منه.
كذلك ثبت أن للتين فوائد عديدة في
إدرار اللبن وفي علاج حالات البواسير,
والإمساك المزمن,
والنقرس, وأمراض الصدر, واضطراب الحيض, وحالات
الصرع, وتقرحات
الفم, والتهابات كل من اللثة واللوزتين والحلق,
وفي
علاج مرض البهاق, وفي إزالة الثآليل, وفي اندمال الجروح
والتقرحات
المختلفة, كلوا منه فإنه يقطع
البواسير وينفع النقرس.
ثانيا: في القسم
بالزيتون:
جاء ذكر الزيتون وزيته في سبعة مواضع
مختلفة من كتاب الله, منها القسم
به مع التين في مطلع سورة التين,
وشجرة الزيتون شجرة مباركة وكذلك
ثمرتها, فهي شجرة معمرة قد تعيش
لأكثر من ألف سنة, وتعتبر من أهم
نباتات الزيوت, ويعتبر زيتها من
أصح الزيوت لاحتوائه علي نسبة ضئيلة من
الأحماض الدهنية, وأن ما به من
دهون هي دهون غير مشبعة ولذلك لا تتسبب
فيما تتسبب فيه بقية الزيوت من
ارتفاع نسبة الدهون الضارة بالدم مما يؤدي
إلي تصلب الشرايين
وضيقها وانسدادها, وارتفاع ضغط الدم, وغيرها من
الأمراض.
وزيت الزيتون سائل أصفر اللون شفاف, غني بالأحماض
الزيتية(Oleicacids)
يستخدم في الطبخ وفي الإضافة إلي
السلطات ويلعب دورا مهما في منع أكسدة
الكوليسترول الذي يفرزه جسم الإنسان
وذلك لاحتوائه علي فيتامين هـ, وعلي
قدر من المركبات الكيميائية الأخري
تعرف باسم مركبات الفينولات
العديدة(PolyphenolicCompounds)
التي تمنع التأكسد الذاتي للزيت وتحافظ
علي ثباته, وبذلك يقي الجسم من
أخطار فوق أكاسيد
الشحوم(LipidPeroxides) وهي من
المواد الضارة بجسم الإنسان.
وعلي ذلك فإن تناول زيت الزيتون
بانتظام يؤدي إلي خفض المستوي الكلي
للكوليسترول في الدم بصفة عامة,
وإلي خفض الأنواع الضارة منه بصفة
خاصة, وإلي خفض معدل الإصابة
بأمراض القلب والسرطان بصفة أخص.
وبالإضافة إلي استخداماته العديدة في
الطعام فإن زيت الزيتون يستخدم في
إنتاج العديد من الأدوية والدهانات
الطبية, وزيوت الشعر, والصابون,
وبه كانت توقد المصابيح لصفاء اللهب
الناتج عن اشتعاله.
وتثمرة الزيتون القابلة للتخزين
بالتمليح تعتبر إداما للطاعمين, وصبغا
للآكلين, بالإضافة
إلي كونها فاتحة للشهية. وثمرة الزيتون تحوي
بين67%,84% من وزنها
زيتا, ويتكون زيت الزيتون من عدد من المركبات
الكيميائية الهامة منها
مركبات الجلسرين والأحماض الدهنية والتي تعرف باسم
الجليسريدات(Glycerides), ويكون الحمض الدهني نسبة كبيرة من
وزن
الزيت, ومن أوفر الأحماض الدهنية في الزيتون وزيته ما يعرف باسم حمض
زيت
الزيتون(OleicAcid) بالإضافة إلي كميات قليلة من حمض
زيت
النخيل(PalmaticAcid), وحمـض زيت الكتانLinolicAcid)),
وحمض
الشمع(StearicAcid) والحمض الغامض(MystricAcid).
وبالإضافة إلي ذلك يحتوي الزيتون وزيته علي نسبة متوسطة من
البروتينات,
ونسب أقل من عناصر البوتاسيوم,
والكالسيوم, والمغنيسيوم,
والفوسفور, والحديد, والنحاس
والكبريت وغيرها مع نسبة من الألياف,
وتدخل هذه المكونات في بناء حوالي
الألف من المركبات الكيميائية النافعة
لجسم الإنسان والضرورية لسلامته.
وهناك الكثير مما لا نعلم من أسرار الزيتون يروي أمير المؤمنين عمر بن
الخطاب رضي عليه عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة" .
وكذلك يروي عن معاذ بن جبل( رضي عنه) أنه قال: سمعت النبي صلي
عليه وسلم يقول: نعم السواك الزيتون, من الشجرة المباركة, وهي سواكي وسواك
الأنبياء من قبلي.
ومن هنا كان القسم القرآني
بالزيتون, وكان ذكره وذكر زيته في سبع مواضع
مختلفة من كتاب الله,
والزيتون وزيتة غنيان بالدهون والبروتينات فقيران
في الكربوهيدرات(
السكريات والنشويات), بينما التين غني بالسكريات
والمركبات النشوية
وفقير في المواد الدهنية والبروتينية ومن هنا كان
التين
والزيتون معا يكملان حاجة الإنسان من المواد الغذائية, ومن هنا أيضا
كان
القسم بهما معا في مطلع سورة التين, وهي لفتة علمية معجزة في كتاب
أنزل
من قبل ألف وأربعمائة من السنين.
اعتقد هذا ما تبين لنا
والله اعلم بما خفي عنا من فوائد و اسباب القسم بالتين
والزيتون.
ودمتم بخير وأتمنى الفائدة للجميع